والمقصود أن هذه الأحاديث وهذه الآثار التي ذكرها الإمام هشام رحمه الله تعالى تدلنا على حقيقة الإيمان وعلى معتقد السلف الصالح في الإيمان، فتبين أن الإيمان حقيقة، ودعائم، وأركان، وصريح، وطعم، ومحض، وعرى، وشعب، وحلاوة، ولباس، وذروة، وشطر، وزينة، وكمال، وبشاشة، وواجبات، وكمالات، ومستحبات.
فهل من قال: الإيمان التصديق، ومن قال: إنه لا يزيد ولا ينقص يتناسب قوله مع هذا؟! كلا.
وقول الإمام هشام في أول كلامه: (ومما يبين لأهل العقل أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص) ثم ذكره هذه الأمور يدل دلالة واضحة على أن مذهب أهل السنة والجماعة في الإيمان يجمع بين المنقول والمعقول، والحمد لله؛ فإن من تدبر في هذه الآثار والأحاديث يستنتج أن الإيمان لا بد من أن يكون كذلك، وأن الصحابة والتابعين رضي الله تعالى عنهم هم أعظم من فسر حقيقة الإيمان.
وعليه فما سبق إيراده من النقول على إجماعهم على أن الإيمان قول وعمل، وما ذكرناه عن الإمامين الفضيل و هشام في توسيع مفهوم الإيمان وحقيقته وشعبه إلى آخر ذلك، كل ذلك ينتج من مجموعه أن المخالفين لهذا المذهب هم -بلا ريب- واقعون في البدعة وواقعون في الخطأ، وأقل أحوالهم أنهم أخطئوا حين خالفوا منهج أهل السنة والجماعة في حقيقة الإيمان.